لأول مرة في التلفزيون المغربي يتطرق مسلسل كوميدي تبثه القناة الثانية في رمضان الحالي إلى موضوع رجل السلطة عندما يفقد مقومات سلطته بأن يتقاعد عن العمل ويُحال إلى سن المعاش، حيث يصطدم بسلوكيات وطبائع بشرية تختلف عما كان يألفه حين كان في أوج سلطته.

ويصور مسلسل "ولد القايد" بطريقة فكاهية عددا من التحولات الاجتماعية والنفسية والتواصلية التي تطرأ على علاقة رجل سلطة من درجة قائد بأسرته ومحيطه وأفراد مجتمعه، بعد أن يصبح مواطنا عاديا يعجز عن مواكبة التغيرات التي حدثت في حياته.
ويلعب دور البطولة في مسلسل "ولد القايد" ثلاثة من نجوم الكوميديا بالمغرب ينتمون إلى أجيال عمرية مختلفة، وهم عبد الخالق فهدي الذي يؤدي دور الابن المدلل، ومصطفى الداسوكين الذي يلعب دور رجل السلطة، ثم الممثل المراكشي عبد الجبار الوزير، وكتب حلقات المسلسل السيناريست أحمد بوعروة.عدم التكيف مع الواقعويحكي المسلسل الفكاهي مسار رجل سلطة كان يشتغل قائدا "قايْد" في مصالح وزارة الداخلية، وحين بلغ سن التقاعد وأحيل على المعاش ظل يتعامل بنفس منطق تعامله وهو يمارس السلطة في مجال اختصاصه السلطوي، فتُثار عدة مواقف تندلع بسبب الواقع الجديد الذي يعيشه.

وبطريقة تغلب عليها الكوميديا الخفيفة يُظهر المسلسل الفكاهي عددا من المفارقات الطريفة التي تقع أثناء معاملة رجل السلطة لعائلته ومحيطه وللناس، حيث يصر على التعامل بنفس نظرته للحياة عندما كان يتقلد مهام مسؤوليته الإدارية في دواليب السلطة التي تعتمد أكثر على الأوامر والنواهي. 

وتكشف السلسلة الكوميدية أحداثا جديدة تقع للقائد وابنه عندما اضطرت عائلته إلى الرحيل من البادية التي كان يعيش فيها إلى رحاب المدينة، خصوصا أن الابن لم يستسغ تحول وضعية والده من عمله كرجل سلطة يخضع له الكثيرون إلى مواطن عاد لا يملك تلك "الامتيازات" السابقة.

وبالنسبة لكاتب قصة المسلسل أحمد بوعرة فإن الغاية من العمل تتمثل في سبر أغوار نفسية رجل السلطة الذي يتخلى عن مهنته بعد الوصول إلى سن التقاعد، وذلك من أجل إبراز أنه لا ينبغي التمسك بالسلطة في كل مكان، وأنه يلزم التفريق بين ممارسة مهنة رجل السلطة في حدودها وبين بعض السلوكيات التي لم يعد يقبل بها المجتمع الحديث.ثياب رجل السلطةواعتبرت الباحثة الاجتماعية ابتسام العوفير بأن الجديد الذي أتى به هذا المسلسل هو تطرقه إلى واقع رجل السلطة عندما يغادر كرسيه ويفارق الامتيازات التي كانت تتيحها له مهنته، حيث يأمر فيُطاع وينهى فيُتَّبع، مضيفة أن مهنة رجل السلطة صعبة المراس وتطبع صاحبها سنوات عديدة حتى بعد بلوغه سن المعاش.

واستطردت العوفير، في تصريحات للعربية نت، بأن هذا المسلسل حاول ملامسة بعض السلوكيات الاجتماعية التي تنشأ من جراء علاقات رجل سلطة محلي "قائد" بعائلته ومجتمعه الصغير، حيث لم يستطع التخلص من جاذبية وتأثيرات ممارسة السلطة.

وأردفت المتحدثة بأن "ولد القايد" حاول التخفيف من الغوص في عوالم رجال السلطة، باختلاف درجاتهم، بكثير من المواقف الساخرة والكوميدية التي أفقدت الموضوع الذي لم يسبق التطرق إليه من قبل كثيرا من أهميته ووزنه وعمقه.

وتابعت بأن رجل السلطة الناجح هو الذي يتكيف مع الواقع ولا يتعالى عليه، بل هو جزء منه وأداة لخدمته سواء خلال ممارسته لمهنته أو بعد أن يغادر كرسيه، حيث لا يجب أن تسكن السلطوية في دمائه وتلتصق بشخصيته، بل عليه أن يزيل ثياب رجل السلطة ليرتدي ثياب المواطن العادي الذي يخدم المجتمع من موقعه الجديد.